د. غسّان أبو ستّة: مناضل وشاهد على فظاعة الاحتلال

قال الله تعالى:

{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}

الكهف، 110

غسّان أبو ستّة طبيب فلسطيني-بريطاني، تهجرّت عائلته من بئر السبع إلى غزة على إثر النكبة عام 1948 ثم هاجرت إلى الكويت عام 1953 حيث ولد فيها لأب فلسطيني وأم لبنانية. درس الطّب وتخصص في الجراحة التجميلية والترميم في المملكة المتحدة، وعمل في مستشفيات مرموقة في لندن وبيروت.

ما الذي يدفع جراحاً وأكاديمياً كبيراً مثله ليترك زوجته وبيته وأولاده وعمله وراحته ليدخل إلى قطاع غزة عبر معبر رفح قبل ساعات من إقفاله وإحكام الحصار الإسرائيلي على القطاع، لينضم إلى الفريق الطبي يعمل في أصعب الظروف لمداواة عشرات الآلاف من الجرحى في مشفيات طاقتها الاستيعابية 2500 مريض؟ وليس للمرّة الأولى، بل إنه رغم ولادته وعيشه في الخارج، إلا أن حرباً على غزّة لم تمر إلّا وكان في الصفوف الأمامية يستقبل الجرحى ويجري العمليات. وليس في غزة فحسب، بل عمل كجراح حرب في اليمن والعراق وسوريا والجنوب اللبناني، كما وداوى جرحى انفجار مرفأ بيروت عام 2020.

من هو د. غسان أبو ستة؟

طبيب فلسطيني – بريطاني متخصص في علم الجراحة التجميلية والترميم

أكمل تعليمه الطبي في جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة وتدرب بعد التخرج في مشفيات عدة في لندن.

شغل ثلاث زمالات طبية:
- جراحة القحف والجمجمة للأطفال
- جراحة الحنك المشقوق
- إعادة ترميم الإصابات

انضم عام 2011 إلى المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت

عام 2012، أصبح رئيساً لقسم الجراحة التجميلية والترميمية في المركز، ومسؤولاً طبياً لبرنامج إصابات الحرب لدى الأطفال والعيادة المتعددة التخصصات بإصابات الحرب.

عام 2015، شارك في تأسيس برنامج طب النزاعات في معهد الصحة العالمي في الجامعة الأميركية في بيروت وأصبح مديراً له.

عاد إلى المملكة المتّحدة عام 2020 وعمل في الجراحة التجميلية والترميمية في القطاع الخاص.

يعمل في عدة جمعيات خيرية، هو عضو في مجلس أمناء مؤسسة المعونة الطبية للفلسطينيين في المملكة المتحدة، وعضو في مجلس إدارة جمعية إنارة، وهي مؤسسة خيرية توفير الجراحة الترميمية للأطفال من مصابي الحرب في الشرق الأوسط.

محاضر شرف في مركز دراسات إصابات الانفجار في جامعة إمبريال كوليدج في لندن، ومحاضر أول زائر في فريق أبحاث الصراع والصحة في جامعة كينغز كوليدج في لندن

يعمل في لجنة التمويل الدولية التابعة للمعهد الوطني للبحوث الصحية في المملكة المتحدة.

له عدة دراسات وأبحاث منشورة عن أثر الحروب في معدل وفيات الأطفال وانتشار الأمراض المعدية.
له كتاب “سردية الجرح الفلسطيني: تحليل السياسة الحيوية لإسرائيل” يشرح فيه تقصد الجيش الإسرائيلي، ليس قتل الفلسطينيين في غزة فقط، بل لإيذاء الفلسطينيين من خلال استهداف أماكن في أجسادهم تحيلهم إلى معوقين مدى الحياة، لخلق مجتمع غير قادر على عيش حياة عاديّة.

عمل كمتطوّع طبّي في الانتفاضة الأولى عام 1987 وكان لا يزال طالباً في كلية الطب. ثم سافر عام 2000 إلى غزة بعد زواجه بأسبوع، بعد انطلاق الانتفاضة الثانية حيث قضى 6 أشهر في مشفى العودة في مخيم جباليا، وكان في غزة مستقبلاً الجرحى ومداوياً للمرضى في كل الحروب التي شهدتها: عام 2008-2009 2012 2014 و2018 و2021 وآخرها 2023. كما وعمل كجرّاح حرب في اليمن والعراق وسورية ولبنان، في جنوبه وفي بيروت إذ كان بين الذين استقبلوا الجرحى إثر انفجار المرفأ عام 2020.

في 17 أكتوبر الماضي، ظهر د. غسّان أبو ستَّة في مؤتمر صحفي من أمام مستشفى المعمداني وسط جثامين شهداء المجزرة التي نفذها الاحتلال الصّهيوني، معلناً للعالم استشهاد ما يزيد عن 500 فلسطيني.

*د. غسّان أبو ستّة في مؤتمر صحفي بعد مجزرة مستشفى المعمداني في 17 أكتوبر 2023*

بعد المجزرة انتقل د. غسّان إلى مستشفى الشّفاء حيث يجري قرابة ال 12 عمليّة جراحيّة في اليوم الواحد، ويروي أن غرف العمليات تهتز بأكملها كل ربع ساعة تقريباً جرّاء القصف الكثيف في محيط مستشفى الشّفاء خاصّة في الأيام الأخيرة الماضية. ثم ينظّف سريراً من أسرّة غرفة العمليّات لينام عليه حتّى الصّباح، ثم يستيقظ لاستقبال الجرحى من جديد.

*د. غسان أبو ستّة مغرّداً: لا يوجد مكان أكثر عزلة في هذا الكون من سرير طفل جريح لم يتبق له أحد من عائلته ليعتني به*

في الوقت الذي تتعرض له عائلته في بريطانيا لمضايقات واستجوابات الشرطة البريطانية، قال د. غسان أبو ستة بأنه سيبقى في غزَّة حتى يتم التوصل إلى وقف إطلاق النّار والسّماح للفرق الطّبية الدولية، التي ينتظر الكثير منها في القاهرة، بالدّخول إلى قطاع غزة. وأكّد أنَّ مسألة مغادرته غزّة كبريطانيا ليس واردة أبداً إن حصل إجلاء للأجانب مؤكداً أنه باق في غزّة كباقي الفلسطينيين، كبقاء الزعتر والزيتون.

مثلهم من يذكرّنا أن أعمالنا جميعاً ستُعرضُ على الله جل جلاله، فأين مقام أعمالنا مقابل أعمالهم؟ وأين غُبارُ أعمالنا إلى جانب جبال أعمالهم؟ مَثَلهم من يجعلنا نعي عظم المَهمَّة الملقاة على عاتقنا، كأفراد وكأطباء وكأمّة. الرّحمة لكل الشّهداء، الشِّفاء لكل المرضى، الثَّبات للطَّواقم الطّبية، والهلاك، كلُّ الهلاك، للاحتلال.

{فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}

الزمر، 74