لطلاب الطّب

هل للشّك فضيلة؟!


من ضمن العبارات التي علقت في عقلي  “الشك في الطب فضيلة “، قالها الطبيب بعد أن مرت عليه حالةٌ استعصى علاجها،  فافترضَ في رأسه عدة احتمالات ، فكان آخرها هو الحبل المنقذ لمريض عانى بعد نزاع طويل مع المرض ، مع مرات وكرات كثيرة وعلاجاتٍ بلا جدوى…

نعم كان أحد الشكوك المنسية المهملة هو السبب في شفاء هذه الحالة التي يأست من حالها ، وأرهقت من أوجاعها.

أثارت في عقلي هذه العبارة دهشة يرافقها قبول عند سماعها للمرة الأولى : اي، نعم … .

ليس كل الشك الذي عرفناه و تربينا على ذمه مذموما…فقد يكون محمودًا و لكن كيف..؟

لأنّ هذه الشكوك قد تنقذ بطريقةٍ او بأُخرى حياةَ المريضِ وتحد من مضاعفات تطور المرض وانتشاره ،فتنقله من خطر يؤدي به الى نهاية مأساوية إلى حدٍ يمكن تدارك الخطر فيه وايقافه.

لكن كيف يتم ذالك…؟

سيكون ذلك بأن تضع في عقلك الاحتمالات الممرضة التي قد تصيب المريض وتودي به الى مضاعفة الاعراض ، وستراجع تاريخه المرضي والعلاجي وكذلك السلوكي…لا أن تكتفي بالحالات والاحتمالات التي تتكرر عليك في غرف المشفى وردهات الطوارئ.

وأن تشك حتى في الأمراض التي نادرًا ماتتكرر ولها مضاعفات خطيرة في حال استمرار شكوى المريض ودوام مرضه وألمه.

لكن كيف سأكون ملمًا بهذه الاحتمالات الهائلة؟

هذا يتأتى من كثرة قراءة  الكتب الطبية  ومراجعتها والاطلاع على الدراسات والأبحاث الصحيحة والربط فيما بينها.

ومتابعة التطور السريع و النامي في المجال الطبي الذي يختصر الوقت و الجهد، ومواكبة أحدث الطرق والأساليب المستخدمة في العلاج، وكثير من السبل التي من شأنها زيادة كفاءة الممارس علمياً و عمليا.

فهذه نقاطٌ يجب على طالبِ الطب ومن يريد أن يدخل هذا المجال أن يضعها نصبَ عينيهِ وأن يلم بها، لكي يكون طبيبًا فعالاً.

ومن الذكاء أن يبقي الطبيب تلك الشكوك التي تخيف المريضَ وتزيدُ حالته سؤا في نفسه ، خصوصاً تلكَ الأمراض التي يخاف منها الناس عافانا الله وإياكم منها، حتى يتأكد من ذلك من خلال إجراءِ الفحوصات والتحاليل اللازمة التي تقطع الشكَّ باليقين والبرهان على وجود السبب أو عدمه.

ويجب على الممارسِ أن يكونَ ذا شكٍ دقيقٍ فليس من المنطق أن نشكَّ بكل مرض درسناه وعايناه ، فندخل في دوامةٍ من التخبّط؛ تحوّل المريضَ إلى حقلِ تجاربٍ يهلكهُ ويدهورُ حالته ؛ لأنّ بعد كل تشخيص خطأ، لابد من علاج خطأ يضر وحتماً لن ينفع.

وحيث أن الإنسانَ معرضٌ للزلل والخطأ، فلابدَّ أن يسأل الله دائماً دوامَ الهداية والسّداد في التشخيص ووصف العلاج وأن لا يكلهُ إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينهُ على تأدية الأمانة وإيصال الرسالة وأن يكونَ سبباً في علاج المريض وإعادة رسم ابتسامته وان يجعل له نصيبا من قولهِ تعالى : ﴿… وَمَن أَحياها فَكَأَنَّما أَحيَا النّاسَ جَميعًا…﴾ [المائدة: ٣٢] .

تدوينة بقلم نبأ محمّد

طالبة طب في جامعة تكريت، العراق

أضف تعليق